بين شغف المدرجات وقيود المنع: هل تُطفأ شرارة الجماهير ؟”
حزيلة ابراهيم
يشهد عالم كرة القدم في المغرب منذ سنوات طويلة شداً وجذباً بين الجهات المسؤولة وجماهير الأندية الكبرى، إذ القرارات التي تُفرض على هذه الجماهير، سواء بحظر حضورها المباريات أو تقليص أعدادها، أصبحت جزءاً من المشهد الرياضي. هذه التدابير غالباً ما تُثار حولها تساؤلات حول مشروعيتها وأثرها، خصوصاً في ظل الشغف الكبير لهذه الجماهير بلعبة “الساحرة المستديرة”.
عادةً ما تتخذ السلطات قرار منع جمهور فريق معين من دخول الملاعب لأسباب ترتبط أساساً بالأمن والسلامة. أو في حالات الشغب التي شهدتها بعض المباريات سابقاً، و دفعت السلطات لاتخاذ إجراءات احترازية قد تصل إلى حرمان الجمهور بأكمله من الحضور.
ومع أن الهدف المعلن هو ضمان الأمن العام، إلا أن هناك جدلاً دائماً حول ما إذا كانت هذه القرارات تحقق الغاية المرجوة، أم أنها تزيد من الاحتقان بين المشجعين.
عندما يُمنع جمهور فريق معين من دخول الملعب، يبقى التلفزيون الوسيلة الوحيدة لمتابعة المباراة. ذلك أن البث المباشر يُمكّن المشجعين من مشاهدة فريقهم ودعمه عن بُعد. لكن هل يعوّض هذا التجربة الفريدة للمدرجات؟
بالطبع، مشاهدة المباراة من المدرجات ليست مجرد متابعة، بل هي تجربة عاطفية متكاملة. الهتافات، الأجواء الصاخبة، ودعم الفريق بشكل مباشر تعتبر مكونات أساسية للشغف الكروي. رغم ذلك، التلفزيون يظل خياراً لا غنى عنه، ويتيح للمشجعين متابعة فرقهم حتى في أصعب الظروف.
لا يمكن إغفال الأثر النفسي لمنع الجمهور من دخول الملاعب. ذلك أن المدرجات ليست فقط مكاناً لمشاهدة المباريات، بل هي مساحة للتعبير الجماعي عن الانتماء والحب للنادي. فجماهير اي نادي كروي ، التي تُعرف بوفائها وشغفها الكبير، تجد نفسها أحياناً محرومة من هذه المساحة. هذا الحرمان يُمكن أن يؤدي إلى شعور بالإقصاء ويزيد من الاحتقان بين الجماهير .
من ناحية أخرى، قد يؤدي المنع إلى زيادة التوتر بين مشجعي الفريقين المتنافسين، حيث يشعر الجمهور المحروم بالظلم مقارنة بالآخرين. كما أن هذه القرارات غالباً ما تُعطي انطباعاً سلبياً عن العلاقة بين المسؤولين المعنيين والجماهير.
و يبدو أن الحل الأمثل يكمن في تبني مقاربة متوازنة. عوضاً عن فرض المنع الشامل، يمكن العمل على تنظيم الجماهير وضمان سلامتها وسلامة الآخرين داخل الملاعب. الاستثمار في تحسين البنية التحتية للملاعب، وتطوير تقنيات المراقبة، وتعزيز الحوار مع روابط المشجعين يمكن أن يُساهم في خلق بيئة آمنة للجميع.
علاوةً على ذلك، يمكن التفكير في برامج توعية جماهيرية تُبرز أهمية التشجيع الحضاري، وتشدد على ضرورة الابتعاد عن أي سلوك قد يهدد سلامة الآخرين.
و اخيرا تعتبر جماهير المستديرة ، كغيرها من الجماهير المغربية، جزءاً لا يتجزأ من اللعبة. مهما بلغت حدة القرارات، يظل الشغف بكرة القدم أكبر من أي عائق. وإن كان حضور المباريات حقاً، فإن ضمان هذا الحق يتطلب جهداً مشتركاً بين الجميع: الجمهور، الأندية، والسلطات. في نهاية المطاف، كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي لغة توحد الشعوب وتزرع الفرح في القلوب.